قال عليه الصلاة والسلام: المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير
احرص على ما ينفعك
واستعن بالله
ولا تعجز
وإن أصابك شيء فلا تقل (لو) أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان

هذا الحديث العظيم هو سر التفوق والتميز ونيل أعلى المراتب في الدنيا والآخرة ففيه بيان أن الله أشد حبا للمؤمن القوي في إيمانه وفي عبادته وفي علمه وفي أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وفي جهاده لنفسه وهواه وقرينه، وفي جهاده للكفار والمنافقين. وفي جده وفي همته وفي إرادته وفي شخصيته وفيث كل شيء محمود. فهذه القوة في الحق هي خير وهي أحب إلى الله وبها يقوم الدين وينصر. ثم كأن سائلا سأل فقال كيف أحصل على القوة في الدين؟ فأتى الجواب في أربع نقاط من أتقنها حاز القوة بإذن الله وهي

الأولى: أن تحرص أشد الحرص على ما ينفعك في دينك ودنياك، وما لا ينفعك من الكتب والدروس والأشرطة والمصاحبات والمجالسات والكلام والعمل والتصرفات فلا تحرص عليه. ولو جعلت هذا بين عينيك وأجبرت نفسك عليه، ازددت كل يوم حرصا على ما ينفعك وزهدا فيما لا ينفعك وهذا هو سر السيادة والقيادة

الثانية: إذا فعلت ما تقدم فلا تعتمد على الأسباب البتة ولا تهمل الأسباب بل اعملها واستعن بالله وتوكل عليه وتعلق به فكل شيء بيده، يستوي في ذلك كل الاسباب كأسباب العلم والعبادة والنصر والرزق والتفوق والمجاهدة وغير ذلك

الثالثة: إذا فعلت ما تقدم فلا تعجز ولا تكسل فإنهما مما يتعوذ بالله منهما وهما آفة كل أحد، إما ضعف القدرة أو ضعف الإرادة، فأنت تستطيع أن تعمل أعمالا كثيرة لولا العجز والوهن والكسل والتثبيط الذي يلقيه الشيطان على قلبك، ما من عبد وضع أمرا بين عينيه وعزم عليه وسلك سبيله إلا ناله بإذن الله مهما عظم هذا الأمر، وسر الناجحين دوما هو قوة العزيمة وصدق الإرادة والإلحاح في طلب الشيء والتحيل له وعدم الملل أو اليأس أو الوهن

الرابعة: إذا فعلت ما تقدم فقد يصبك إخفاق أو فشل أو مصيبة فإياك والإستسلام ولا تقل (لو) فإنها تفتح عمل الشيطان ولكن ارجع الأمر للقدر السابق، وأحسن بالله الظن واستأنف العمل، ما من تاجر إلا خسر، وما من فارس إلا سقط ولكن الفرق أن التاجر الناجح والفارس الماهر لا يمكث في مكان سقوطه بل يعيد المحاولة بعزم وينجح، والعاجز إذا تعرض لأي معارضة أو سقوط مكث في مكان سقوطه.