بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ عبد الكريم الخضير وفقه الله تعالى:
((إذا لقيتَهُ فَسَلِّم عليه)) هذا هُو الذِّي يَنْشُر المَوَدَّة والمَحَبَّة بين المُسْلِمينْ، ((إذا لقيتَهُ فَسَلِّم عليه)) في بلاد المُسلمين الأصْل في النَّاس الإسلام، في البُلْدَان المُخْتَلِطَة على حَسَبْ ما يَغْلِب على الظَّنّ، إنْ غَلَبْ على ظَنِّكْ إنَّ هذا مُسْلِم ابدأْهُ بالسَّلام، أمَّا إذا بَدَأكَ بالسَّلام فلا مَنْدُوحة لَكَ عن الإجابة {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النِّساء/94] لا، إذا أَلْقَى عليكَ السَّلام تُجِيبُهُ، فإنْ غَلَبَ على ظَنِّك أنَّهُ مُسْلِم تقول: وعليكُم السَّلام ورحمة الله وبركاتُهُ، وإِنْ غَلَبَ على ظَنِّكْ أنَّهُ ليسَ بِمُسْلِم تقول: وعليكُم، الجواب لا بُدَّ منهُ.
((إذا لقيتَهُ فَسَلِّم عليه)) السَّلام لهُ آداب، والتَّوجيه الشَّرعيّ جاءَ بالأوْلَى بالبَدَاءة أنَّ الصَّغير يُسلِّم على الكبير، والرَّاكِبْ على المَاشِي، والمَاشِي على الجَالِسْ، والعَدَدْ القَلِيلْ على الكثير، وهكذا، لكنْ إذا حُرِمْ الأَوْلَى، مَرّ شخص كبير بشخص صغير ما سَلَّم الصَّغير، نقول: ((خَيْرُهُما الذِّي يَبْدَأُ بالسَّلام)) لأنَّ بعض النَّاس تَأْخُذُهُ العِزَّةُ بالإثْم ويقول: لا – الحقّ لي! وهذا تسْتَعمل في الأقارب بكثرة، تَجِدْ هذا أكبر من هذا، يقول: لا أنا ما أَزُورُهُ الحق لي! تَجِد هذا عم وهذا ابن أخ، العمّ ما يَزُور ابن أخيه، يقول: لا – الحقّ لي! والنَّبيُّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقول: ((خَيْرُهُما الذِّي يَبْدَأُ بالسَّلام))، ((إذا لقيتَهُ فَسَلِّم عليه))، السَّلام سُنَّة مُؤَكَّدَة عِنْدَ أهلِ العِلْم، وَرَدُّهُ وَاجِبْ، {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النِّساء/86] فإذا قال المُسَلِّم: السَّلامُ عليكم ، يقولُ المُجيب: وعليكم السَّلام ورَحْمَةُ الله، إنْ زَادْ وبَرَكاتُهُ فِي كُلِّ جُملَةٍ عَشْرُ حَسَناتْ، يُخَيَّر المُسَلِّم بين التَّعْرِيفِ والتَّنْكِير، فيَقُول: السَّلامُ عليكم، أو يقول: سَلامٌ عليكم، هذا بالنِّسْبَةِ للسَّلامِ على الحيّ يُخَيَّر بين التَّعْرِيفِ والتَّنْكِير، السَّلام على غير المُسْلِم بَدَاءَتُهُ بالسَّلام، السَّلام هو السَّلام المَشْرُوع في حَقِّ المُسْلِمين، لا تَجُوز بَدَاءَتُهُم بالسَّلام؛ لكنْ إذا سُلِّمَ عليهِ بمثل ما جاء في القُرآنِ والسُّنَّة {السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} [طه/47]، هذا هُو الأصْل، ورَدُّ السَّلام يَنْبَغِي أنْ يَكُونْ بالأحْسَنْ أو أقلّ الأحوال بالمِثِلْ، قال: السَّلامُ عليكم، يقول: وعليكُم السَّلام، والأحْسَنْ أنْ تقُول: وَرَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ، ولا يُجْزِئ عن هذا غير هذهِ الجُمْلَة، فإذا سَلَّم وقال: السَّلامُ عليكم، بعض النَّاس يقول: صباح الخير! بعض النَّاس يقول: أهلاً وسَهْلاً! كثير من النَّاس يقول أهلاً وسَهْلاً!!! أو يقُول: مرحبا! وثَبَتْ عن النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أُم هانئ جاءت وسَلَّمت عليه، وأيْضاً فاطمة ابنَتُهُ، "أُمْ هَانِئ تقول: السَّلامُ عليك يا رسُول الله، فقالَ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أُمُّ هانئ ، فقالَ: مَرْحباً بأُمِّ هَانئ" وما نُقِلْ أنَّهُ رَدّ السَّلام بِلَفْظِهِ، فمنْ أهلِ العلم من يَرى أنَّ الرَّد يُجْزِئ في مِثْلِ هذا مَرْحباً؛ لأنَّ النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- رَدَّ بها، ويَسْقُطُ بِهِ الوَاجِبْ، والجُمْهُور على أنَّهُ لا يُسْقِطُ الواجِبْ بِمَرْحباً فقط، ولو لَمْ تُنْقَل للعِلْمِ بها، مَا نَقَلَها الرُّوَاة للعِلْمِ بها؛ ولأنَّها وَرَدَتْ في أحاديث كثيرة.