الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :
فإن أسماء الله تعالى قد بلغت في الحسن منتهاه ، وفي الكمال أقصاه ، ولا يحصيها إلا الله .
ومن رحمته بنا وفضله علينا أن أخبرنا ببعضها في كتابه العظيم وعلى لسان رسوله الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ، وأنزل بعضها على بعض الأنبياء والمرسلين ، وفيما أنزل عليهم من كتب من لدنه ـ سبحانه ـ وعلم بعضاً منها ملائكته المقربين ، واستأثر ببعضها ، فلم يخبر بها أحداً من خلقه ، وهو الحكيم في تقديره ، العليم في تدبيره .
ومن أسمائه العظيمة الجليلة الكريمة ؛ اسم الله الأعظم ، الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب ، وإذا استنصر به نصر ، وإذا استهدي به هدى ، وإذا استعين به أعان ، وإذا استرحم به رحم .
وقد أخفاه الله عن عباده رحمة بهم ، ليسألوه به وبغيره من أسمائه وصفاته ، فإذا ما أذنبوا سألوه باسمه ( يا غفور ) وإذا طلبوه الرحمة ، قالوا : يا رحيم ! وإذا ضاق عليهم الرزق ، نادوه : يا رزاق ! وإذا رجوا فضله ، قالوا : يا لطيف !
وهكذا ففي كلِّ أحوالهم ومناسباتهم لهم من أسمائه وصفاته ما يناسب دعاءهم ورجاءهم ، وتضرعهم وتبتلهم ، وهذا من دلائل فضله وكرمه وجوده وإحسانه ، فله الحمد كثيراً كثيراً .
قال تعالى :[ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ] ( الأعراف : 180 )
وقال تعالى :[ أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ] (الإسراء : 110 )
وقد صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعض الأحاديث التي توحي باسم الله الأعظم الأكرم ، فعن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال : أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سمع رجلاً ، يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهدُ أنَّك أنت الله لا إله إلا أنتَ ، الأحدُ الصمدُ ، الذي لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ؛ فقال : لقد سألت الله بالاسم الأعظمِ ، الذي إذا سئل به اعطى ، وإذا دُعي به أجاب "
( رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان ، انظر : صحيح الترغيب والترهيب 2/280 رقم 1640 )
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : مرَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي عيّاش زيد بن الصامت ، وهو يصلي ، وهو يقول : اللهمَّ إني أسألك بأنَّ لك الحمدَ ، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، المنان ، بديع السموات والأرض ّ ذو الجلالِ والإكرام ! . فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" لقد سألتَ الله باسمه الأعظم ، الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى "
( رواه أحمد وابن ماجه والحاكم ورواه أحمد وأبو داود والنسائي ، انظر : صحيح الترغيب 2/281رقم 1641)
وفي رواية :" اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنتَ الحنان المنان ، بديعَ السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ! يا حي يا قيوم ! اللهم إني أسألك ...."
( صحيح سنن أبي داود 1342 ) .
وعن أسماء بنت يزيد ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" اسمُ الله الأعظم في هاتين الآيتين : [ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ] ، وفاتحة سورة :[ آل عمران ] :[ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ]
( رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، انظر : صحيح الترغيب 2/281)
ومعنى هذا أنه ربما يكون : الرحمن الرحيم ، أو : الحي القيوم ، أو : لا إله إلا هو .
وعن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" دعوةُ ذي النون إذ دعاهُ في بطنِ الحوتِ :[ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ] ؛ فإنه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ ؛ إلا استجابَ الله له "
( رواه الترمذي والنسائي والحاكم ، انظر : صحيح الترغيب 2/282) .
والذي يجب على كل مسلم أن يؤمن بأسماء الله جميعاً ، ويتقرب إليه بدعائه ورجائه بهذه الأسماء ، ويتملق ربه بالإكثار منها والتنوع فيها ، وحسن دعائه بها ، والدعاء كله خير ، فتبتل إليه تبتيلاً .
[ ربي إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير ]