الحمد لله الذي يعطي على القليل الكثير ، ويجود بالأجر الكبير على العمل الصغير ، والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :
فمما يؤسف له أن الكثير من الخادمات يأتين إلينا ثم يرحلن عنا ولم يحصل لهن من النفع في دينهنَّ ما نأمله ونرجوه ، بل إنها لتذهب ـ في بعض الأحيان ـ وقد تبدلت نظرتها وتغيرت فكرتها عنا ؛ من الخير إلى الشر ، ومن الحسن إلى السوء ، من سوء ما وجدت من أخلاق بعض من كانت تعمل لديهم ، فأصبح بعض الناس فتنة في دينه ، يصدُّ عنه وهو لا يشعر !
والحقيقة الشرعية الواجبة علينا أن ندعو إلى الله تعالى من أتانا إلى ديارنا ليعمل عندنا ، مع أن الواجب علينا أن نذهب إليه حيث كان لدعوته إلى ربه تعالى ، فهذا مما أُمرنا به ، فكيف وقد ساقهم الله إلينا ، وفي عقر دورنا ، وقعر منازلنا ؟ فهل نجد لمفرط في هذا من عُذر ؟!
وهذه بعض الأفكار لدعوة الخادمات في البيوت إلى الله تعالى ، فخذ منها ما تبرأ به ذمتك ، وما ترجو به نفع خادمتك ، والله على كلِّ شيء وكيل .
* القدوة الحسنة
بالتقيد بأوامر الشرع الحنيف ، وذلك بأن ترى منك المسلم الحق ، المستمسك بدين الله تعالى والمتحلي بأخلاقه ، والمتتبع لآدابه ، فكأنما أنت قرآناً يمشي على الأرض ، فمن الناس من يدعو إلى الجنة بقوله ويدعو إلى النار بفعله ـ عياذاً بالله ـ من وسوء ما يصدر منه من أقوال وأفعال مشينة تخالف الشريعة .
* أداء الأمانة والحذر من الخيانة
فلا ظلم لها ، ولا هضم لحقوقها ، ولا تكليف لها بما لا تطيق .
فعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله :" إخوانُكُم وخَوَلُكُم . جعلهم الله تحتَ أيديكُم ، فمن كانَ أخوهُ تحتَ يديهِ فليُطعمهُ ممَّا يأكُلُ ، وليُلبسهُ ممَّا يلبسُ ، ولا تُكلِّفُوهُم ما يَعلِبُهُم ، فإن كلَّفتُمُوهُم فأعينوهُم " 1
وعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " مَن أعطيَ حظَّهُ من الرِّفقِ فقد أعطيَ حظَّهُ من الخير ، ومن حُرم حظَّهُ من الرِّفقِ فقد حُرمَ حظَّهُ من الخير " 2
فإن من الناس من لا يرحم ضعفها ، ولا يشفق على غربتها ، ولا يقدر ظروفها ، فهو يريدها كالآلة بدون شعور ، وكالحجر بغير إحساس ، تعمل في غير كلل أو ملل ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .
فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" مَن لا يرحم الناسَ لا يرحمهُ الله " 3
* الحذر من التعالي عليها
والكبر والغطرسة معها ، فغن الأيام دول ، والزمان قُلَّب ، وكم من مخدوم أصبح خادماً ! و خادم ضحى مخدوماً ، [ وتلك الأيام نداولها بين الناس ] وفي الزمان عبر ، وأيُّ عبر !
* تطبيق أحكام الشرع عليك وعليها
في موضوع الخلوة والحجاب وغض البصر وعدم الخضوع لها ومنها في القول .
فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم " . فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ! امرأتي خرجت حاجة واكتتبت في غزوة كذا وكذا . قال :" ارجع فحج مع امرأتك " 4
وعن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" إياكم والدخول على النساء " . فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ! أفرأيت الحمو ؟ قال :" الحمو الموت " 5
* إهداء الكتب والأشرطة لها
والتي تتحدث بلغتها ، ويمكن توفير ذلك عن طريق مكاتب دعوة الجاليات ، وخصوصاً الأشرطة والكتب التي تتناول جانب العقيدة وتصحيح التوحيد ، والتحذير من البدع والمحدثات ، وإذا لم تحصل على ذلك في فترة بقائها عندك ، فلا تواصل الحرمان عند نهاية فترة خدمتها ، فإن أعظم ما تذهب به إلى أهلها هذه الهداية التي تُستجلب بها الهداية .
* أخذها أكثر من مرَّة لأداء العمرة والزيارة لمسجد النبي ـ صلى الله عليه وسلم
فهذه فرصة ربما لن تتكرر لها بعد ذلك ، مع تعليمها كيفية إيقاع النسك على الوجه المطلوب .
* الذهاب بها إلى مكاتب دعوة الجاليات
لحضور الدروس الأسبوعية واليومية ـ إن أمكن ـ والتي تتناول الأحكام الشرعية بلغتها .
* تعويدها صيام النوافل والإكثار منها
ومنحها الفرصة للتزود منها ، بخلاف ما يقع من بعض البيوت من منعها من قراءة القرآن والصيام وسنن الصلاة بحجة أنها لم تأت لتعبد الله ! وإنما جاءت للعمل ، وللعمل فقط !!
* إلزامها بالحجاب الشرعي في البيت وخارجه
فلا تتبرج ولا تكشف ما أمرها الله به من ستر جميع بدنها عن الرجال ، وبهذا تعرف سوءة من يخرج الخادمة من بيته لرمي النفايات بملابس لا يحسن أن تلبسها داخل بيتها فضلاً عن خارجه .
* الحذر من ترك الخادمة مع الشباب المراهقين
دون رقابة ومتابعة ، والحذر من خلوتهم بها ، حتى لا يقع ما لا يُحمد عقباه ولا يسرنا رؤياه ، وكم من مآسٍ وقعت من جراء التفريط في ذلك .
* ربطها بالخادمات الصالحات من بني جنسها
لتستفيد منهن ، وحجبها عن الخادمات الفاسقات أو المنحرفات حتى لا يفسدنا أو يزن في انحرافها وانجرافها عن الجادة ، فالصاحب ساحب ، والمرء على دين خليله ، والغريب للغريب نسيب .
* تعليمها الصلاة على الوجه الشرعي
وتحفيظها القرآن ، ومتابعة صلاتها وصيامها وطهارتها ، فكم من مصلية لا تقبل صلاتها ! وكم من متطهرة لا تفقه كيف تقوم بها على ما أمرها به الله وسنَّ لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتلك أمانة على من علم ليعلم من لا يعلم .
* تمكينها من سؤال الدعاة
في المكاتب التعاونية لدعوة الجاليات عما أشكل عليها في أمور دينها بلغتها التي تستطيع من خلالها أن تُعبر عن حالها بدون سوء فهم .
----------------------------------------------
1 صحيح مسلم (3/1039 ) (1661 ) .
2 صحيح سنن الترمذي (2/195) (1637) .
3 صحيح سنن الترمذي (2/281) (1941) .
4 صحيح البخاري (6/490) (5233 ) .
5 صحيح البخاري (6/490) (5232) ..