أبو لقمان Admin
عدد المساهمات : 483 تاريخ التسجيل : 06/10/2015
| موضوع: بدعة القصاص السبت أكتوبر 31, 2015 8:47 pm | |
| بدعة القصاص بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن من تدبر حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه تيقن أنه لم يكن يقوم على رؤوس الناس يأمرهم وينهاهم ويعظهم إلا أحد هؤلاء:
الأول: ولاة الأمور من العلماء والأمراء فالعالم يجلس للتعليم، وإذا رأى ما يكره من بدع ونحوها قام ووعظ وحذر كما كان ابن مسعود يعظ أصحابه كل خميس، وكان يعلمهم كل يوم. وكذلك الأمراء ونوابهم قد يحتاجون للقيام على الناس لأمرهم ونهيهم بما يصلح دينهم ودنياهم أو مغازيهم أو تنظيمهم ونحو ذلك. وهذا الصنف قد حصل لهم الشرف والشهرة والولاية قبل القصص فالفتنة في حقهم أقل. وقيامهم فيه مصلحة.
الثاني: خطباء الجمعة وهؤلاء منصبهم شرعي أمر الله بالسعي لهم لاستماع الذكر الذي يقولونه على المنبر.
الثالث: أئمة المساجد في مساجدهم وهؤلاء منصبهم شرعي ولهم ولاية في مساجدهم فيجب عليهم تعليم أهل الحي ووعظهم، وإذا رأى الإمام ما يوجب التنبيه والتذكير والتحذير فإنه إذا سلم من الصلاة قال للمأمومين (كما أنتم على مصافِّكم) كما كان عليه الصلاة والسلام يفعل، ثم يذكر ما يريد ذكره والتنبيه عليه.
ومن المعلوم أن الأئمة والخطباء قد تولوا هذه الولاية قبل القصص فالفتنة في حقهم أقل، وأيضا يفترض ألا يتولوا هذه الولاية إلا وهم على قدر من العلم والفقه لقوله عليه الصلاة والسلام (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله ثم أعلمهم بالسنة) الحديث.
وسار الناس على هذا لا يقوم أحد في المساجد يقص عليهم ويذكرهم إلا هؤلاء فقط، ولما كان في عهد عمر رضي الله عنه استأذن تميم الداري أن يقوم ليعظ الناس بين يدي خروج عمر لخطبة الجمعة فلم يأذن له عمر وحذره بان قيامه هذا هو الذبح أي فتنة له، لأن الشيطان سيصور له أنه خير منهم وأنه هو الذي يعظهم ويذكرهم وأنهم يحتاجون إليه ونحو ذلك. ثم أخذ تميم يكرر الطلب فأذن له عمر على كُره واشترط عليه شروطا شديدة منها: أن يكون واقفا حتى لا يطيل، وأن لا يخرج عن الوحي. ولم يذكر في عهد عمر إلا هذا، وكذلك في عهد عثمان رضي الله عنه.
فلما كان في آخر عهد عثمان رضي الله عنه وتجمعت الخوارج عليه من كل مكان، وأرادوا تجميع الناس معهم ابتدعوا القصص في المساجد - كما سيأتي في الآثار - وكان الانحراف في أول الأمر يسيرا ثم أخذ الانحراف يزيد رويدا رويدا - كما في كل البدع - حتى وصل إلى مستويات خطيرة للغاية.
واشتد نكير العلماء من ذلك الحين على القصاص، وقبل أن أترك أخي القارئ مع بعض الآثار في تحذير العلماء من هذه البدعة سأنتخب بعض هذه الآثار التي تلقي الضوء على بعض الآثار الضارة لبدعة القصص منها:
قول عمر رضي الله عنه: (إنه الذبح)، وقول علي للقاص (أنت أبو اعرفوني) قول أبي قلابة رحمه الله: (ما أمات العلم مثل إلا القصاص. تجالس أحدهم سنة ولا تعلق منه بشيء، وتجالس العالم ساعة وتخرج بعلم كثير) وقل مثل هذا في كتب القصاص ومطوياتهم وأشرطتهم ونحو ذلك. قول الإمام أحمد رحمه الله: (أكذب الناس القصاص والسؤال) لأنهم يريدون الشرف والشهرة بالقصص فيلجأون للكذب والغرائب حتى يلفتوا أنظار الناس إليهم، كما في أثر معاذ رضي الله عنه الشهير. كان زياد النُميري من القصاص وكان يقول: عن قيام ليلة النصف من شعبان كقيام ليلة القدر، فقال ابن أبي مليكة: لو رأيته ومعي عصا لضربته بها. وفيه دلالة أن أغلب البدع والأحاديث الموضوعة والضعيفة إنما يروجها الشيطان ويشيعها في أمة محمد عبر إلقائها على ألسنة القصاص.
والآن تأمل كل أثر من الآثار التالية فلا خير في قراءة لا تدبر فيها:
عن الحارث بن معاوية الكندي - رحمه الله - أنه ركب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسأله عمر رضي الله عنه: ما أقدمك؟ قال لأسألك على ثلاث خلال....، عن القصص فإنهم أرادوني على القصص، فقال: ما شئت. قال إنما أردت أن انتهي إلى قولك. قال أخشى عليك أن تقص فترتفع عليهم في نفسك، ثم تقص فترتفع حتى يخيل إليك أنك فوقهم بمنزلة الثريا، فيضعك الله تحت أقدامهم بقدر ذلك. وعن عمرو بن دينار رحمه الله: أن تميما الداري استأذن عمر رضي الله عنه في القصص، فأبى أن يأذن له، ثم استأذنه، فأبى أن يأذن له، ثم استأذنه، فقال: إن شئت وأشار بيده يعني: الذبح وقال الأعمش رحمه الله: اختلف أهل البصرة في القصص، فأتوا أنس بن مالك، فسألوه: أكان الني صلى الله عليه وسلم يقص؟ قال: لا. وقال عقبة بن حريث رحمه الله: سمعت ابن عمر وجاء رجل قاص وجلس في مجلسه، فقال ابن عمر قم من مجلسنا، فأبى أن يقوم، فأرسل ابن عمر إلى صاحب الشرطة: أقم القاص، فبعث إليه فأقامه. وقال أبو إدريس الخولاني رمه الله: لأن أرى في ناحية المسجد نارا تتأجج أحب إلي من أن أرى قاصا يقص قال ضمرة رحمه الله: قلت للثوري: نستقبل القاص بوجوهنا؟ قال: ولوا البدع ظهوركم. وقال عاصم بن بهدلة رحمه الله: كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ونحن ِغِلْمة أيفاع، فيقول: لا تجالسوا القصاص. وقال: لا يجالسنا من يجالس القصاص. وقال: اتقوا القصاص. عن خباب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا. قال في النهاية: لما هلكوا قصوا أي اتكلوا على القول وتركوا العمل، فكان ذلك سبب هلاكهم، أو بالعكس لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص. قال أحمد بن حنبل رحمه الله: أكذب الناس القصاص والسُّؤَّال، وما أحوج الناس إلى قاص صدوق، لأنهم يذكرون الموت وعذاب القبر. قيل له: أكنت تحضر مجالسهم؟ قال: لا. وقال مالك رحمه الله: وإني لأكره القصص في المسجد، ولا أرى أن يجلس إليهم، وإن القصص لبدعة، وليس على الناس أن يستقبلوهم كالخطيب، وكان ابن المسيب وغيره يتخلفون والقاص يقص. وقال أبو المليح رحمه الله: ذكر ميمون بن مهران القصاص فقال: لا يخطي القاص ثلاثا: إما أن يسمن قوله بما يهزل دينه، وإما أن يعجب بنفسه، وإما يأمر بما لا يفعل. وقال أبو قلابة رحمه الله: ما أمات العلم إلا القصاص، يجالس الرجل الرجل سنة فلا يتعلق منه بشيء ويجلس إلى العالم فلا يقوم حتى يتعلق منه بشيء. قال أيوب السختياني وكان أبو قلابة والله من الفقهاء ذوي الألباب. دخل عوف بن مالك رضي الله عنه مسجد حمص فإذا جماعة على رجل قال: ما هذه الجماعة؟ قالوا: كعب يقص على الناس، قال: أيا ويحه أما بلغه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقص إلا ثلاث، أمير أو مأمور أو مختال. وفي رواية أو مرائي وفي رواية أو متكلف وفي رواية أو أحمق. رواه أحمد وأبو داود بسند صحيح. فبلغ ذلك كعبا فما رُؤي يقص بعد ذلك. وعندما طلب أصحاب ابن سيرين أن يقص قال ابن سيرين: لست أميرا ولا مأمورا وأخاف أن أكون الأحمق. مر عمر رضي الله عنه بقاص فخفقه بالدرة فقال: ما أنت؟ فقال: قاص، فخفقه قال: ما أنت؟ قال مذكر، قال: كذبت. ثم خفقه قال: ما أنت؟ قال: ما أدري ما أقول؟ قال: أنا أحمق مراء متكلف. رواه ابن شيبة. عن غضيف الثمالي رحمه الله: أن عبد الملك بن مروان سأله عن القصص قال: إنها محدثة وقد حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أحدثت امة بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة، قال: فالتمسك بالسنة خير من إحداث البدعة. قال الزهري رحمه الله: أول من قص في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم الداري. استأذن عمر فأبى عليه ثم استأذن عثمان فأذن له أن يذكر الناس يومين في الأسبوع، وقال غيره إنما حدث القصص لما قتل عثمان وكانت الفتنة وهذا أصح. وقالت عائشة رضي الله عنها لقاص بالمدينة: ثلاث لتتابعني عليها أو لأناجزك قال: بل اتابعك. قالت: إياك والسجع في الدعاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون ذلك وقص على الناس كل جمعة مرة أو مرتين ولا تملهم ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديثهم فتقطعه عليهم وتغمهم، ولكن أنصت فإن حدوك وأمروك فحدثهم، وكذا قال ابن عباس لعكرمة كما في البخاري. قال معاوية بن قرة رحمه الله: كنا إذا رأينا الرجل يقص قلنا هذا صاحب بدعة. قال همام التيمي رحمه الله: لما قص إبراهيم التيمي رحمه الله، أخرجه أبوه من داره وقال ما هذا الذي أحدثت. القاص ينتظر مقت الله. قال الأسود بن هلال رحمه الله: كان رجل يقص فأُتيَ ابن مسعود فقيل له، فجاء فجلس في القوم' فلما سمع ما يقولون قام فقال: ألا تسمعون! فلما نظروا إليه قال: تعلمون أنكم لأهدى من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أو أنكم لمسكون بطرف ضلالة. قال ابن وضاح في القصاص رحمه الله: لا ينبغي لهم أن يبيتوا في المساجد ولا يتركوا أن يبيتوا فيها. كان عبد الله مسلم بن جندب الهذلي قاصا لأهل المدينة وكان مجلس سعيد بن المسيب غير بعيد عنه فقال لو كان لي على هذا الأعرابي الجافي سلطان لم أزل أضربه حتى يخرج من المسجد. استأذن تميم عمر رضي الله عنهم في القصص فقال: أنت تريد أن تقول أنا تميم فاعرفوني. قال مالك رحمه الله: لا يجلس إليهم وإن القصص لبدعة. وليس على الناس أن يستقبلوهم كالخطيب. قال ونهيت أبا قدامة أن يقوم بعد الصلاة فيقول افعلوا كذا، افعلوا كذا. قال سالم رحمه الله: كان أبي - ابن عمر رضي الله عنهما - يُلقى خارجا من المسجد فيقول: ما أخرجني إلا صوت قاصكم هذا. قال مالك رحمه الله: كان رجل من المنافقين يقوم كل جمعة فيحض على طاعة رسول الله فلما كان يوم أحد انصرف بالناس عن قتال العدو ثم قام بعد ذلك في المسجد فأُخرِج منه فقال لا أبالي ألا أصلي في حش بني فلان يعني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم- فما كل من وعظ الناس وتزين أمامهم صادق. قال أبو التياح رحمه الله: قلت للحسن: إمامنا يقص فيجتمع الرجال والنساء ويرفعون أصواتهم بالدعاء ويمدون أيديهم قال الحسن: رفع الصوت بالدعاء بدعة، ومد الأيدي بالدعاء بدعة، والقصص بدعة. قال معاوية بن قرة رحمه الله قلت للحسن رحمه الله: أعود مريضا أحب إليك أو أجلس إلى قاص؟ قال: عد مرضك. قال: أشيع جنازة أو أجلس إليه؟ قال: شيع جنازتك. فمازال بي حتى جعله خيرا من مجالس الفراغ. قال أو معمر رحمه الله: رأيت سيارا أبا الحكم يستاك على باب المسجد وقاص يقص في المسجد فقيل له يا أبا الحكم إن الناس ينظرون إليك. قال: إني في خير مما هم فيه، أنا في سنة وهم في بدعة. انقطع عامر بن عبد الله بن قيس العابد الزاهد عن مجلس الحسن البصري فجاءه في بيته فسأله قال: إني خفت من هذه المجالس ووجدت البيت أخلى لقلبي أقدر لي على ما أريد. قال الحسن: إنها ليست مجالسنا هذه. إنما هي مجالس القصاص الذين يخلطون ويقدمون ويؤخرون.
| |
|