أبو لقمان Admin
عدد المساهمات : 483 تاريخ التسجيل : 06/10/2015
| موضوع: الملخص المفيد في حكم تارك التوحيد السبت أكتوبر 31, 2015 9:01 pm | |
| الملخص المفيد في حكم تارك التوحيد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،،، فإن مسألة تارك التوحيد، وتارك الصلاة، وتارك العمل من أخطر المسائل التي خالف فيها أهل التوحيد والحديث أهل البدع والأهواء. وملخص الكلام في مسألة تارك التوحيد يتضح في نقاط وهي: 1-من فعل الشرك الأكبر دون إكراه ملجيء فإنه يحكم عليه بالشرك والكفر بعينه معانداً كان أو جاهلاً ويعامل معاملة المشركين، ولا يمكن تسميته مسلماً؛ لأن الإسلام هو: (الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله) وهذا لم يأت به، والله تعالى يقول (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير) 2-لا يشترك مع الشرك الأكبر غيره من المكفرات في عدم العذر بالجهل لأن التوحيد هو الأمر الوحيد الذي أخذ الله سبحانه وتعالى عليه الميثاق في عالم الذر ، وأخبر أنه لا يغفر لتاركه ألبته ، وهو فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وهو الذي أقام أدلة العقول والفطر وآيات الأنفس والأفاق على تقريره . وأعظم شيء بعد الشهادة الأولى الشهادة الثانية : أن محمداً رسول الله، ومع هذا نعتقد أن الموحد الذي لم يشرك بالله شيئاً ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لم يسمع به ولم يتمكن من السماع دون تفريط أنه لا يحكم عليه بالضلال والشرك وأنه معذور بجهله . فما دون ذلك من باب أولى. 3-وعلى هذا فقولنا إن العقل والفطرة حجة أي أنه من أسباب تسميته مشركاً قبل الرسالة والبلاغ كما سماه الله سبحانه وتعالى فقال: (وإن أحد من المشركين أستجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون) ، وقال تعالى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة) ، فسُمي مشركاً قبل أن يسمع كلام الله ؛لأن أدلة التوحيد ليست متوقفة على السمع ، وأما العذاب فنعتقد أن الله علقه ببعث الرسل فقال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ، ولم يشترط الله سبحانه وتعالى أن يرسل لكل قرية نذيراً ولا لكل أحد بعينه؛ لكن من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، ومن الخلق البحث عن الحق وعدم الإعراض والتجاهل قال تعالى : (فمالهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة كلا بل لا يخافون الآخرة) ، قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في فوائد قوله تعالى: (ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون) ، قال: المسألة العاشرة : ( أن فضله سبحانه ليس مخصوصاً بيوسف عليه السلام وآبائه بل عام للناس كلهم، ولكن منهم من قبله ، ومنهم من رده ، وذلك أنه أعطى الفطر ثم العقول ثم بعث الرسل ، وأنزل الكتب وفيه إزالة الشبهة عن هذه المسألة التي هي أكبر الشبه وذلك أن الله إذا تفضل بهذا كله خصوصاً البيان فما بال الأكثر لم يفهم ولم يتبع ؟! فما أكثر الجاهلين بهذا وما أكثر الشاكين فيه !! فقد ذكر تعالى أن السبب أن جمهور الناس لم يشكر. فأما من عرف النعمة فلم يلتفت إليها فلا إشكال فيه، وأما من لم يعرف فذلك لإعراضه، ومن أعرض فلم يطلب معرفة دينه فلم يشكر... إلى قوله: ( وهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي لو تجعلها نصب عينيك ليلاً ونهاراً لم يكن كثيراً ، وهي أن الله بيَّن لنا بياناً واضحاً أن الأكثر والجمهور الذين يضيقون الديار ويغلون الأسعار من أهل الكتاب والأميين لا يعلمون هذه المسألة مع إيضاحها بالعقل والنقل والفطرة والآيات النفسية والأفقية ). وقد ضلت في مسألة العقل طائفتان لخص أقوالهما البزدوي في أصوله(1/322) فقال: (قالت المعتزلة: إن العقل علة موجبة لما استحسنه محرمة لما استقبحه على القطع و البتات فوق العلل الشرعية فلم يجوّزوا أن يثبت بدليل الشرع ما لا تدركه العقول أو تقبحه... وقالوا فيمن لم تبلغه الدعوة فلم يعتقد إيماناً ولا كفراً أو غفل عنه: إنه من أهل النار. وقالت الأشعرية إنه لا عبرة بالعقل أصلاً دون السمع وإذا جاء السمع فله العبرة لا للعقل _وهو قول بعض أصحاب الشافعي رحمه الله_ حتى أبطلوا ايمان الصبي،وقالوا فيمن لم تبلغه الدعوة فغفل عن الاعتقاد حتى هلك: إنه معذور، قالوا: ولو اعتقد الشرك ولم تبلغه الدعوة إنه معذور ايضاً،وهذا الفصل أعني أن يجعل في شركه معذوراً تجاوز عن الحد كما تجاوزت المعتزلة عن الحد في الطرف الآخر). 4-وبناءً على ما تقدم فلا يوجد في التوحيد جهل بل هو إعراض وتجاهل وأكثرهم للحق كارهون قال تعالى: (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) فقرر سبحانه أنهم لا يعلمون الحق ثم وصفهم الوصف المطابق لحالهم وهو الإعراض وقال تعالى: (قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا) . 5-كل من أشرك بالله الشرك الأكبر فهو مفترٍٍ على الله؛ لأن المشرك هو المطالب بالدليل على شركه لا أنه معذور حتى يأتيه الدليل قال تعالى: (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) ، وقال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) ، وقال تعالى: (هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) ، وقال تعالى: (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) . وأول كلمة تقولها الأنبياء لأقوامهم مع أنهم جهال: (اعبدوا الله مالكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون) ، وأهل العجل عبدوه بشبهة وتأويل وقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي ، وأضلهم السامري ومع ذلك هم مفترون قال تعالى: (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين). 6-قسم الله عباده ثلاثة أقسام في مواضع كثيرة من القرآن؛ ومنها ما جاء في آخر سورة العنكبوت حيث قال تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) فهذا مشرك جاهل أشرك بلا دليل، ثم قال تعالى: (أو كذب بالحق لما جاءه) فهذا مشرك جاءه الحق فرده وعاند ،ثم بيَّن سبحانه وتعالى حكم الصنفين فقال تعالى: (أليس في جهنم مثوى للكافرين) ثم بين النوع الثالث فقال : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) ، فمن لم يُهد للتوحيد لم يجاهد في الله ويبحث عنه كما قال تعالى , وسلمان الفارسي رضي الله عنه كان في أدغال إيران فجاهد فهدي وهذه الأصناف الثلاثة هي المذكورة في أم القرآن السبع المثاني وهم المنعم عليهم : الذين طلبوا الحق ولزموه، والمغضوب عليهم : الذين جاءهم الحق فردوه، والضالون : وهم الجهال، ومن عذر بالجهل في التوحيد فإنه يلغي القسم الثالث ولا يعترف إلا بالمغضوب عليهم فقط . 7-لا يوجد فرق بين جهال اليهود والنصارى وبين مشركي العرب والعجم من المنتسبين للإسلام زوراً وبهتاناً فإن قيل هؤلاء تلفظوا بالشهادة ، فالجواب : الشهادة من شروطها العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها، فإن كان قالها بلا علم لم تنفعه ، وإن قالها بعلم واستمر على شركه فهو مغضوب عليه لم يدخل الإسلام. فإن عذرتم بالجهل فاعذروا كل جهال العالم ، وإلا فقد جعلتم علة التكفير ليست هي الكفر كما قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مفيد المستفيد قال تعالى: (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر). 8-لا فرق بين المشركين الذين أرسل لهم رسولنا صلى الله عليه وسلم ومنهم والداه، وبين مشركي زماننا فكل عُذر يُعتذر به لأهل زماننا فأولئك أولى به قال تعالى: (لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم فهم غافلون) وقال تعالى: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) . 9-كل من مات وهو يدعو من دون الله ندًا فهو في النار كما في حديث ابن مسعود الصحيح (من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار ومن مات وهو لا يدعو لله ندا دخل الجنة)، وقال تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) ، وقال تعالى: (فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم) . 10-تأمل قوله تعالى: (الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون) ، وقوله تعالى: (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين) ، فإن فيه دلالة على أن الميثاق حجة، ويدل على أن الرسل مكملة ومقررة للأدلة السابقة، قال تعالى : (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) . 11-يتضح مما سبق أن الأدلة التي يستدل بها ملتمسو الأعذار للمشركين كلها خارج محل النزاع، لأن الشرك الأكبر ليس كغيره من المكفرات بسبب وضوح أدلته وتنوعها فمن أشهر أدلتهم ما يلي: 1-سجود معاذ بن جبل رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الدليل فضيحة علمية كبرى لمن يستدل به تستدعي من صاحبها أن يتوارى من الناس خجلاً، فقد جعلوا معاذًا رضي الله عنه الذي هو من أعلم الناس بالحلال والحرام يجهل أن عبادة محمد صلى الله عليه وسلم من دون الله شرك، فعبد محمدا صلى الله عليه وسلم من دون الله وسجد له سجود عبادة ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم عذره لجهله . قاتل الله من علّمهم هذه الحجج المخجلة ، وهذا هو أقوى أدلتهم ، فانظر قدرها واحمد الله على العافية . وهذا كله على اعتبار صحة القصة لو ثبتت، وهي لم تثبت عند أهل الصنعة. 2- حديث ذات أنواط، وهذا في قوم استأذنوا وطلبوا ولم يفعلوا، فهو خارج عن مسألتنا، نحن نريد من فعل الشرك وعذر بجهله، ولذلك فإن تعامل موسى عليه السلام مع الذين قالوا: ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) ، يختلف عن تعامله مع الذين عبدوا العجل. وأيضاً فهم أرادوا بالتبرك ما هو في دائرة الشرك الأصغر من طلب البركة ، وهذا يخرجها عن محل النزاع ، ولا يتصور أنهم يطلبون من النبي عليه الصلاة والسلام الشرك الأكبر وعبادة غير الله وهم يعلمون مضادة ذلك لكلمة التوحيد ، ويعلمون أن هجرته وجهاده كانت لإزالة ذلك . 3- حديث التحريق وهذا لو سلمنا أن كلمة ( قدِر ) في الحديث من القدرة فهو شك في كمال صفة واحدة من صفات الله فأين هذا من الشرك الأكبر ، خاصة وأنتم لا تكفرون الأشاعرة وهم يجحدون الصفات إلا سبعاً فقط . وأيضا فإن الرجل كان في غاية الذهول والخوف المؤثر في الإرادة فهو يشبه الذي قال: ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) وأيضا فتفسير قوله ( لئن قدر الله عليَّ ) بمثل قول الله سبحانه وتعالى عن يونس عليه السلام : (فظن أن لن نقدر عليه) ، وجيه فالحديث كله خارج محل النزاع . قال القنازعي رحمه الله (ت:413) في تفسير الموطأ: ( قوله : ( لئن قدر الله عليَّ ) يروى هذا الحرف ( قدر ) بالتخفيف وبالتشديد؛ فمن رواه بالتخفيف فمعناه أن هذا الرجل جهل صفة من صفات الله، وهي إحياء الموتى وهي بدعة عظيمة، ومن رواه بالتشديد فمعناه : لئن ضيق الله عليَّ ... ولكنه ابتدع بدعة عظيمة وهي إحراقه نفسه ثم إن الله تفضل عليه وغفر له بخشيته لله وهذا يدل على أنه كان موحدا مقرا بالله ) وقد جاء في رواية أحمد بن حنبل رحمه الله للحديث ( لم يعمل حسنة إلا التوحيد ) فدل على أنه خارج موضوعنا نهائياً . 4- استدلالهم بقول الجارية ( وفينا نبي يعلم ما في غدِ ) على أنها كفرت، ولكنها عذرت لجهلها، أيضا مخجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما في غد إذا علمه ربه قال تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) ، ولكنه نهاها لأنه قول مجمل، يشمل ما هو حق وما هو باطل. فهذا أيضا خارج محل النزاع. 5- استدلالهم بقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ، هذا أيضا خارج محل النزاع لأن الآية فيها ربط العذاب ببعث الرسل وقد بعثهم الله وختمهم،وليست في الحكم عليهم بالشرك . فماذا ينتظرون؟!. 6- استدلالهم بقوله تعالى: (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) ، ليس فيه أن الحجة لا تقام إلا بالنذارة، فالذين ماتوا قبل البعثة قال الله عنهم: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) , والحجة قائمة عليهم ؛وإنما النذارة مزيد إعذار وذلك كحديث ( أعذر الله إلى رجل بلغه ستين سنة )، فهل معناه أنه قبل الستين معذور ؟! قال تعالى : (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون) إلى قوله تعالى : (وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم) . وهكذا نجد أن كل الأدلة خارج محل النزاع، وإنما التحدي الحقيقي الذي يرفع من مستوى قولهم، لو أتوا بأمرين اثنين هما: أ-أن يأتوا برجل فعل الشرك الأكبر وجعل لله ندا دون إكراه وعذر لجهله وسمي مسلماً. ب-أن يأتوا بدليل فرق الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم فيه بين المشرك المعاند والمشرك الجاهل. وسننتظر حتى يأتوا بهذين الأمرين، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا، فلا كلام لنا معهم، قال تعالى: (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون). 12-إعذار المشرك شركاً أكبر بهذه الأعذار خطير للغاية على صاحبه لأنه لم يكفّر المشركين بلا دليل ولم يكفر بالطاغوت، وخطير للغاية على الناس؛ لأنه يعطل أثار التوحيد ولوازمه وحقوقه كلها، فالهجرة والجهاد والولاء والبراء والسفر والإقامة والذبائح والأنكحة والمواريث كلها متوقفة على هذه المسألة ، ولذا من أسباب نشرها وانتشارها اعتقادهم أنها باطل خفيف يوافق أهواء النفوس، وأيضاً فيه اتهام للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قتل مشركين معذورين جهال قبل التفهيم وقيام الحجة عليهم . 13-بناءً على ما تقدم لا يمكن أن تكون هذه المسألة خلافية البتة، ولو قاتل أهل التوحيد أهل الشرك _ونحن نعلم أن أكثرهم جهال، وأن الدعوة قبل القتال غير واجبة بعد انتشار الإسلام فنبينا صلى الله عليه وسلم بيّت قوما وهم غارون_، فلو قاتلهم أهل التوحيد، فهؤلاء العاذرون هل سيقاتلون مع الموحدين ضد إخوانهم الذين يرونهم مسلمين ؟ أم يقفون مع إخوانهم ضد أهل التوحيد ويعدونهم الفئة الباغية ؟ أم سيعدون هذا القتال الذي غايته: حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله يعدونه قتال فتنة ويعتزلوه ؟! ماذا سيكون موقفهم، وهل يتصور أن تكون هذه المسألة من مسائل الاجتهاد. والقرآن كله على النص عليها . 14-هذه المسألة من أهم الأمور التي تطرق في خطبة الجمعة وغيرها؛ لأنها أهم ما يهم المسلمين في اعتقادهم، وتعاملهم مع المشركين وفي ذبائحهم وسفرهم ومواريثهم و أنكحتهم وهجرتهم وإقامتهم وجهادهم وصلاتهم خلف المشرك ، وأمورهم كلها ، وإذا كانت خطبة الجمعة لا تخصص لأمور التوحيد العملية وشرح آيات التوحيد وحقوقه فتخصص في ماذا ؟! 15-أكثر من يلبس على الناس في هذه المسألة يتقي بأقوال الرجال ويبني دينه عليها وهذه علامة الإفلاس؛ لأن أقوال الرجال ضعيفة تحتاج إلى أن يحتج لها لا أن يحتج بها . ويجب أن يُعرف الحق أولاً ثم توزن الأقوال به، فالرجال يُعرفون بالحق وليس الحق هو الذي يُعرف بالرجال _كما قال عليَّ رضي الله عنه_ والرجال إنما هم أدلاء على الطريق فإذا رأيت أنوار المدينة لم تحتج للأدلاء قال تعالى : (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، والناس في الرجال طرفان ووسط فمنهم من ترك اتباع الصحابة ومن اتبعهم بإحسان واعتمد على فهمه القاصر ، ومنهم من اتخذ العلماء أرباباً من دون الله ، والوسط أن يُستدل بهم على الطريق فإن زاغ حكيم أو زل لزمت الحق فإن على الحق نوراً _كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه_ . وهؤلاء يحتجون بكلامٍٍ لابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب مشتبه في العذر بالجهل، فنأتيهم بكلام لهما واضح غاية الوضوح في عدم العذر بالجهل فتقابل القولان فتساقطا حتى يعلم الناسخ من المنسوخ منهما ونرجع للأدلة،وأيضاً نأتيهم بكلام من هو أجل منهما وبالأدلة الواضحة. فلا تغني عنهم بضاعتهم شيئاً؛ وإنما هم كما قال الأول : ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ******* سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا والعالم لا يأتيه الرسوخ جملة واحدة وقد يخطئ، والمنقول إلينا لا يُدرى هل هو من قديم كلامه أو من حديثه. وقد يداري العالم ولا يداهن، فيأتي بكلام مجمل يحتمل معنيين لظرفٍ يمر به ، ولم يعلم أنه سيتخذ ديناً للجهال ؛ ولأجل هذه المعاني وغيرها كره أحمد وغيره كتابة فتاواه. ولابن تيمية رحمه الله كلام واضح في تسميتهم مشركين في الجزء العشرين من مجموع الفتاوى، وكذا للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فتوى فيمن مات على الشرك قبل دعوته، فأفتى بأنهم لا يورثون ويعاملون كالمشركين، وله رسائل واضحة في ذلك (كمفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد) ، ورسالة (أصل الإسلام وقاعدته) ، وفي تفسيره كذلك. وحفيده وتلميذه عبدالرحمن بن حسن أشار إلى أن هذه المواضع المشتبهة كانت في ابتداء دعوته وكان يداري ويقول ( الله خير من زيد) ولا يمكنه إلا ذلك ، وابنه الشيخ إسحاق قال لمن احتج بهذه المواضع: أنت مثل الذباب لا يقع إلا على الجرح_ كما في رسالته في تكفير المعين_. وممن يتقي به أهل عصرنا فتوى لابن عثيمين ؛ لكنهم أخذوا منها ما يريدون وتركوا باقيها فهو يقول : « كل الناس اليوم قامت عليهم الحجة بالبلاغ » وهم يطبقون فتواه على مشركي زماننا، وهو لا يشترط التفهيم وهم يشترطونه ، وهو يكفر تارك الصلاة . وتارك التوحيد أولى ومع ذلك هم يخالفونه ، وله كلام واضح بصوته_موجود في الموقع_ في أن من أشرك لا يسمى مسلماً، وهذا كله يعارض ما نقلوه عنه . وأقوال الرجال أهون ما يقف في وجه الحق الواضح . وفي الختام نحن في انتظار الأمرين الفاصلين وهما: - دليل على تفريق الله ورسوله في المشرك شركاً أكبر بين الجاهل وغيره . - دليل على صورة وجد فيها من أشرك شركاً أكبر وعُذر لجهله وسمي مسلما. وما لم يأت شيء من ذلك فإن جهاد هؤلاء (الجورجيسيين) هو الجهاد الكبير كما جاهدهم أسلافنا. قال العلامة الأثري أحمد بن مشرّف(ت 1285) في ديوانه الذي طبعه الملك عبدالعزيز ووزعه على طلاب العلم على نفقته: لم يسلكوا منهج التوحيد بل فُتنوا **** بكل ذي جدث في اللحد مقبور فاحكم بتكفير شخص لا يكفرهم **** فالحق شمس وهذا غير معذور واقذف جنود بن جرجيسَ وشيعته **** بكل هجوٍ بمنظوم ومنثور وصلى الله وسلم على نبينا محمد. *** للشيخ عبد الرحمن بن صالح الحجي | |
|