أبو لقمان Admin
عدد المساهمات : 483 تاريخ التسجيل : 06/10/2015
| موضوع: أعجزت أن تكون كعجوز بني إسرائيل ؟ الثلاثاء نوفمبر 17, 2015 8:26 pm | |
| الحمد لله الذي يرفع بالهمة من شاء إلى بلوغ القمة ، والصلاة والسلام على أمضى الناس عزيمة ، وأقوى الخلق إرادة ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه ، أما بعد
إن الهمم العالية كنوز غالية يمتن بها المنان على من يشاء من بني الإنسان ، فطوبى لمن أولاه مولاه تلك الهمة العالية والعزيمة الوثابة والإرادة الماضية ، فما آفة المحق إلا التردد والتذبذب ، والتخاذل والفتور ، والرضى بتوافه الأشياء ومحقرات الأمور !
والمتتبع لنصوص الوحي الشريف ، يرى كيف أن هذا الدين القويم يربى في قلوب أتباعة تلك الهمم لتصل بهم لعالي القمم ومعالي القيم ، فإذا سألتم الله الجنة ، فاسألوه الفردوس الأعلى ! فهل تأملت هذا الدرس ؟ وربيت به النفس ؟
فعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعرابياً فأكرمه ، فقال له : " ائتنا " ، فأتاه ، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" سل حاجتك " . قال : ناقة نركبها ، وأعنز يحلبها أهلي ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل ؟! "
قالوا : يا رسول الله ! وما عجوز بني إسرائيل ؟ قال :" إنَّ موسى ـ عليه السلام ـ لما سارَ ببني إسرائيل من مصر ؛ ضَلّوا الطريق ، فقال : ما هذا ؟ فقال علماؤهم : إنَّ يوسفَ ـ عليه السلام ـ لمّا حضره الموتُ ؛ أخذ علينا نوثقاً من الله ، أن لا نخرجَ من مصر حتّى ننقلَ عظامَه معنا ـ أي بدنه ، وهو من باب إطلاق الجزء ويراد به الكل ، فالأنبياء لا تأكل الأرض أجسادهم كما صح بذلك الخبر عن خير البشر ـ قال : فمن يعلمُ موضع قبره ؟ قال : عجوز من بني إسرائيل ، فبعث إليها ، فقال : دلَّيني على قبر يوسفَ ، قالت : حتى تعطيني حُكمي . قال : وما حكمكِ ؟ قالت : أكونُ معك في الجنة ، فكره أن يعطيها ذلك ، فأوحى اللهُ إليه أن أعطها حكمَها ، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقعِ ما ، فقالت : انظبوا هذا الماء ، فأنظبوه ، فقالت : احتفروا ، فاحتفروا ، فاستخرجوا عظامَ يوسف ، فلما أقلّوه إلى الأرض ؛ فإذا الطريقُ مثل ضوء النهار " السلسة الصحيحة ـ للألباني (313) وصحيح موارد الظمآن (2/452) (2064) .
أرأيت الفرق الواسع والبون الشاسع بين من يريد أعنزاً يحلبها وناقة يركبها ، وبين من تريد مرافقة الرسول في الجنة ؟! إنها الهمة العالية ، وفقط !
فإلى متى يرضى الكثير منا بضعف الهمة ، وفتور العزيمة ، ويرضى من الغياب بالإياب ، ومن الغنيمة بالسلامة ؟! متى نرى في الأمة المسلمة الجم الغفير والعدد الكثير الذين يحملون الهم لضخامة الهمم ؟!
وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي يقول :" إنما الناس كإبل مائة ، لا تكاد تجد فيها راحلة ( صحيح البخاري ، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما )
وأخيراً : أجنبني ، ولا تلتفت لغيرك ، فإنما أخاطبك أنت دون سواك ؛ ما هي أمانيك ؟ وأحلامك ؟ وطموحاتك ؟ إلى أين تريد الوصول ؟ هل همتك في الثرى أم أنها محلقة في السماء كالثريا ؟ هل تقنع من المعالي باليسير ؟ هل ترضى بالدون ؟ فالحقيقة الدقيقة هي ؛ أن تكون أو لا تكون !!!
| |
|