قال الله تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِين- شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم- وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِين- ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين). [النحل 120-123].
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
قوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً) لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين.
(قَانِتًا لِلَّهِ) لا للملوك ولا للتجار المترفين.
(حَنِيفًا) لا يميل يمينًا ولا شمالاً كفعل العلماء المفتونين.
(ولم يكن من المشركين) خلافًا لمن كَثّرَ سوادهم وزعم أنه من المسلمين.
(شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ) ليس كمن نسي النعم ونسبها إلى نفسه؛ فصار من المتكبرين.
(اجْتَبَاهُ). ليعلم أنه المتفرد بالفضل والتمكين.
(وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). لتُعرف الاستقامة من الاعوجاج عن الحق المبين.
(وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً). لنعلم أن الدنيا مع الآخرة في اتباع الدين.
(وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). ترغيبًا في زمرة الصالحين.
ثم ختم هذا الثناء العظيم بالأمر الكبير والعصمة والقاعدة الكلية؛ فقال:
(ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
تبيينًا للناجين من الهالكين، وفرقانًا بين المحقين والمبطلين، وبيانًا للموحدين من المشركين.