بسم الله الرحمن الرحيم
زراعة النَّخيل تحتاج إلى أمدٍ طويل؛ فإذا لمْ يَبْقَ عليهِ إلاَّ الشَّيء اليَسِير؛ ترك! يقول: أنا مُنذُ خمس سنوات، وأنا أتْعَب على هذهِ النَّخيل، وفي النِّهاية لا شيء! ثُمَّ يَتْرُكُها! ولا شَكَّ أنَّ المَلَل والسَّآمَة مِمَّا جُبِلَ عليهِ الإنْسَانْ؛ لَكِنْ عليهِ أنْ يُثَابِرْ، ويَنْظُر إلى النَّتائج، وإذا نَظَرْنا في وَاقِع أهل الإصْلاَح مع أهل الإفْسَاد؛ وَجَدْنا الشَّيطان مِنْ وَرَاءِ أهلِ الإفْسَاد، ويُعِينهم، ويؤُزُّهم على ما هُم بِصَدَدِهِ، وتَجِدْ عندهُم الجَلَدْ والصَّبر، وهُم نسألُ الله العافية مَوُعُودُون بِنَارٍ تَلَظَّى؛ بينما أهلُ الخير إذا بَذَل أدْنَى سببٍ يسير، قال: ما فيهِ فايدة! اسْتَمِرّ يا أخي، وأَنْت تَتَعَامَلْ مع الرَّب -جلَّ وعلا-، فإذا نَظَرْنا جَلَد الفاجر وضَعف المُؤمن؛ لا شكَّ أنَّ هذا يَحُزُّ بالنَّفس، يا أخي أنتْ مَوْعُود جَنَّة عَرْضُها السَّماوات والأرض، وذاك موعُود بنارٍ تَلَظَّى، ومع ذلك يَصْبِر أكثر مِنْ صَبْرِك! {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} [النِّساء/(104)]، يتعبُون وَرَاءَ مَا يُريدُون! ومع ذلك تَجِد طالب العلم أو المُسْلِمْ الخَيِّر الذِّي يَسْعَى في الإصْلَاح؛ تَجِدُهُ يَمَلّ، ويَيْأَس، ويُحْبَط؛ لكنْ لا يَأْس، إذا عَلِمَ اللهُ جَلَّ وعَلَا صِدْقَ النِّيَّة، وصِدْقَ العَزِيمَة والإخْلَاص؛ فَلَا شكَّ أنَّهُ يُعِين، ويَدْفَعْ من الشُّرُور بِقَدْرِ ما يَبْذُلُهُ الأخْيَار منْ هذهِ المُدَافَعَة، ولا يُعْنَى بالمُدَافَعَة أنْ تَكُون بِقُوَّة وبِغِلْظَة وبِفَضَاضَة، ونَحْنُ على الحَقّ، فلماذا نُعْطِي الدنية... لا، هذا ما هو بوقته، لا بُدّ أنْ تَكُون هذهِ المُدَافَعَة بِمَا يُحَقِّقُ المَصَالِح، ويَدْرَأُ المَفَاسِد.